responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 171
وَجُمْلَةُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِ إِلهاً واحِداً.
وَجُمْلَةُ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ لقصد التَّنْزِيه والتبرّي مِمَّا افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ ذَلِك إشراكا.
[32]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 32]
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (32)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِزِيَادَةِ إِثَارَةِ غَيْظِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، بِكَشْفِ مَا يُضْمِرُونَهُ لِلْإِسْلَامِ مِنَ الْمُمَالَاةِ، وَالتَّأَلُّبِ عَلَى مُنَاوَاةِ الدِّينِ، حِينَ تَحَقَّقُوا أَنَّهُ فِي انْتِشَارٍ وَظُهُورٍ، فَثَارَ حَسَدُهُمْ وَخَشَوْا ظُهُورَ فَضْلِهِ عَلَى دِينِهِمْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: يُرِيدُونَ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [التَّوْبَة: 29] وَالْإِطْفَاءُ إِبْطَالُ الْإِسْرَاجِ وَإِزَالَةُ النُّورِ بِنَفْخٍ عَلَيْهِ، أَوْ هُبُوبِ رِيَاحٍ، أَوْ إِرَاقَةِ مِيَاهٍ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَنِيرِ مِنْ سِرَاجٍ أَوْ جَمْرٍ.
وَالنُّورُ: الضَّوْءُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [91] . وَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ لِحَالِهِمْ فِي مُحَاوَلَةِ تَكْذِيبِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَدِّ النَّاسِ عَنِ اتِّبَاعِ الْإِسْلَامِ، وَإِعَانَةِ الْمُنَاوِئِينَ لِلْإِسْلَامِ بِالْقَوْلِ وَالْإِرْجَافِ، وَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْمُقَاوَمَةِ.
وَالِانْضِمَامِ إِلَى صُفُوفِ الْأَعْدَاءِ فِي الْحُرُوبِ، وَمُحَاوَلَةِ نَصَارَى الشَّامِ الْهُجُومَ عَلَى الْمَدِينَةِ بِحَال من بيحاول إِطْفَاءَ نُورٍ بِنَفْخِ فَمِهِ عَلَيْهِ، فَهَذَا الْكَلَامُ مُرَكَّبٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ عَلَى طَرِيقَةِ تَشْبِيهِ الْهَيْئَةِ بِالْهَيْئَةِ، وَمِنْ كَمَالِ بَلَاغَتِهِ أَنَّهُ صَالِحٌ لِتَفْكِيكِ التَّشْبِيهِ بِأَنْ يُشَبَّهَ الْإِسْلَامُ وَحْدَهُ بِالنُّورِ، وَيُشَبَّهَ مُحَاوِلُو إِبْطَالِهِ بِمُرِيدِي إِطْفَاءِ النُّورِ وَيُشَبَّهَ الْإِرْجَافُ وَالتَّكْذِيبُ بِالنَّفْخِ، وَمِنَ الرَّشَاقَةِ أَنَّ آلَةَ النَّفْخِ وَآلَةَ التَّكْذِيبِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأَفْوَاهُ. وَالْمِثَالُ الْمَشْهُورُ لِلتَّمْثِيلِ الصَّالِحِ لِاعْتِبَارَيِ التَّرْكِيبِ وَالتَّفْرِيقِ قَوْلُ بَشَّارٍ:
كَأَنَّ مُثَارَ النّقع فَوق رؤوسنا ... وَأَسْيَافَنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُهُ
وَلَكِنَّ التَّفْرِيقَ فِي تَمْثِيلِيَّةِ الْآيَةِ أَشَدُّ اسْتِقْلَالًا، بِخِلَافِ بَيْتِ بَشَّارٍ، كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست